التمييز بين القواعد القانونية وغيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى كالدين والقانون والأخلاق
أولاً- القواعد القانونية وقواعد الدين :-
يمكن تعريف الدين بأنه مجموعة الأحكام التي يوحي بها الله سبحانه وتعالى إلى رسله يبلغوها إلى الناس حتى يعملوا بمقتضاها وإلا تعرضوا لغضب الله وعقابه.
وتنظم القواعد الدينية ثلاثة أنواع من الواجبات : النوع الأول هو واجب الإنسان نحو ربه، ويسمى هذا النوع ب “أحكام العبادات”، كالصوم والصلاة والزكاة والحج .
والنوع الثاني يحدد واجب الإنسان نحو نفسه، فيبين ما ينبغي على المرء الأخذ به من الفضائل وما ينبغي عليه اجتنابه من الرذائل. أما النوع الثالث فهو واجب الإنسان نحو غيره من الناس، كمساعدة المحتاجين واحترام حقوق الغير، ويسمى هذا النوعع ب “أحكام المعاملات” .
وفي النوع الثالث من القواعد الدينية، التي تنظم واجب الإنسان نحو غيره من الناس، تتقارب القواعد الدينية مع القواعد القانونية . فكما يحرم الدين القتل والسرقة والتعرض لحقوق الغير، يعاقب القانون في نفس الوقت كل من يرتكب أحد هذهه الأفعال.
ولكن على الرغم من التقارب الواضح بين قواعد الدين وقواعد القانون إلا أنه يوجد في هذا الصدد بعض الفروق الجوهرية من حيث النطاق والغاية والجزاء، ناقشنا ذلك فى .
قصد بقواعد الأخلاق مجموعة القيم والمبادئ التي تبرز المثل العليا التي يجب أن يتحلى بها الأفراد في سلوكهم . ومن أمثلة قواعد الأخلاق، القواعد التي تحض على فعل الخير كمساعدة المحتاجين والصدق في القول والوفاء بالعهد، والقواعد التي تنهى عن الشر كالكذب والتعرض لحقوق الغير.
وقواعد الأخلاق في ضوء المعنى السابق تتفق مع قواعد القانون في أنها قواعد عامة مجردة توجه إلى كافة الناس دون تحديد، كما أنها تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، فضلا عن أنها مصحوبة بجزاء يوقع على من يخالفها.
ولكن رغم أوجه الشبه المشار إليها، توجد بين قواعد القانون وقواعد الأخلاق فروق جوهرية من حيث الغاية والنطاق والجزاء، ناقشنا ذلك فى .
ثالثاً- القواعد القانونية وقواعد المجاملات :-
يقصد بقواعد المجاملات مجموعة العادات والتقاليد التي درج الناس على اتباعها في المناسبات المختلغة، وهي تهدف إلى تدعيم الصلات بين أفراد المجتمع . ومن أمثلة قواعد المجاملات، العزاء عند الموت، وتقديم المساعدة عند وقوع الكوارث، وزيارة المريض، والتهنئة في الأعياد والمناسبات السعيدة، وتوجيه السلام ورد التحية .
ورغم تشابه قواعد المجاملات مع القواعد القانونية في اتصالها بالسلوك الخارجي للأفراد، وفي كونها قواعد عامة ومجردة، إلا أن فارقا جوهريا بين هذين النوعين من القواعد وهو أن قواعد القانون تقترن بجزاء مادي ملموس توقعه السلطة العامة في الدولة على المخالف، أما الجزاء على مخالفة قواعد المجاملات فهو مجرد رد فعل لدى الأفراد من بعضهم البعض، مثل غضب الصديق من صديقه، أو المعاملة بالمثل أو غير ذلك، دون أن يكون في الإمكان الالتجاء إلى السلطة العامة لتوقيع الجزاء.
وجدير بالملاحظة أن قواعد المجاملات قد تتحول إلى قواعد قانونية عند تزايد أهميتها الاجتماعية، وذلك بفرض جزاء مادي على مخالفتها، فالقواعد الخاصة بترك مكان ملائم للنساء في عربات المواصلات العامة هي في الأصل من قبيل المجاملات إلا أنها تطورت إلى قاعدة قانونية تخصص مكانا للنساء وتفرض على من يشغله من الرجال الجزاء المناسب .