كيفية كتابة مذكرة قانونية فى دعوي مدنية أو تجارية ؟
موعدنا اليوم مع الحلقة الثانية من سلسلة كيفية كتابة مذكرة قانونية ، وقد سبق وكتبنا في مقال سابق عن المهارات الواجب توافرها في المحامي لكي يكتب مذكرة قانونية ذات تأثير علي الجهة التي تقدم إليها كمحكمة أو سلطة ما .. لكي يصل في النهاية إلي مبتغاه بالقضاء له بطلباته .
واليوم في متابعتنا لهذا الموضوع نتناول في هذا المقال .. كيفية كتابة مذكرة قانونية في صياغة فنية متخصصة .. وهو ما سنتناوله في ثلاث مقالات حيث أن الصياغة كإطار عام تختلف عما إذا كنا سنقدم هذه المذكرة لمحكمة مدنية أو جنائية بشقيها ( جنح ، أم جناية ) وفي المقال الأخير سنتناول الأخطاء اللغوية التي نقع فيها حال كتابة المذكرات وسنبدأ اليوم : عن كتابة مذكرة في القانون المدني : -
وهنا يتعين التفرقة بين عدة أمور كالتالي : -
- المذكرات التى تقدم من المدعى والمدعى عليه .
- المحكمة التى ستقدم إليها ودرجاتها ( الابتدائى والاستئناف )
- أما الطعن بالنقض فانه يختص بقواعد يجب الالتزام بها فإذا حاد عنها كاتب المذكرة قد تتعرض للبطلان .
۱- المذكرات التى تقدم من المدعى أو المدعى عليه أمام المحاكم الابتدائية ( أول درجة ) : -
ـ وقبل أن نتناول مذكرة المدعى لا بد من التعرض لصحيفة افتتاح الدعوى فهي بمثابة مذكرة يجب أن تتضمن شرحا وافيا لموضوع الدعوى مؤيدا بالمستندات التى يجب أن تنطوى عليها الحافظة التى تشفع بالمذكرة .
وتكون هذه المذكرة جامعة مانعة للدرجة التى قد تغنى عن الكتابة أثناء نظر الدعوى .
وجدير بالذكر أنه يجب إيراد نصوص القانون المنطبقة والاستشهاد بأحكام محكمةالنقض فيما أوردته من وقائع وأن تنزل عليها حكم هذا القانون وتلك الأحكام .
فإذا قدم المدعى عليه مذكرة ، هنا يجب عليه أن يقدم المدعى مذكرة يرد فيها على ما انطوت عليه مذكرة المدعى عليه من مغالطات سواء فى واقع الدعوى أو فى إنزال حكم القانون عليها وذلك حسب ما ورد بالمذكرة المعنية .
ـ مذكرة المدعى عليه :
تبدأ المذكرة بإبداء ما قد يتوافر من دفوع شكلية مثل : الدفع بعدم الاختصاص المحلى أو الدفع، بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ، أو عدم الاختصاص القيمي .
ثم إبداء الدفوع الموضوعية مع إيراد الدليل على صحة الدفع ، وللبحث فيها مجال آخر ونكتفي هنا بالقول أنه يتعين على المحامى الإلمام بهذه الدفوع والاسترشاد فيما يكتب بنصوص القانون وما هو مقررفى أحكام محكمة النقض إذا كان النزاع مطروحا أمام القضاء العادي أو أحكام المحكمةالإدارية العليا إذا كان مطروحا أمام القضاء الادارى . ثم نتناول الرد على ماتضمنته صحيفة الدعوى فى موضوعها أو من حيث التطبيق القانونى، أى إنزال حكم المبادئ القانونية الصحيحة على الواقعة، وشرح ما قد يكون المدعى قد انزلق فيه من تحريف للموضوع وبيان عدم انطباق المبادئ القانونية التى استند إليها المدعى فى صحيفةدعواه أو فى المذكرات التى تقدم بها لاحقا ، وتفنيد الحجج التى تساند إليها وإظهارالوجه الصحيح للحق فى الدعوى .
۲- : المذكرات التى تقدم من المستأنف أو المستأنف ضده فى الاستئنــاف : -
بداءة يجب أن نضع في الاعتبار أن الاستئناف هو طعن على حكم صادر من محكمة أول درجة لم يرتضيه من صدر ضده الحكم كلياً أو جزئياً ، وقد يكون من صدر ضده الحكم هو المدعى أو المدعى عليه أمام أول درجة ۰ فهنا يكون كمن لم يرتض هذا الحكم الطعن عليه بالاستئناف .
ا- فالمذكرة التي تقدم من المستــأنف :
يتعين أن تكون صحيفة الاستئناف مشتملة على جميع المطاعن التى يمكن توجيهها إلى الحكم المستأنف .
فإذا كان المستأنف هوالمدعى أمام محكمة أول درجة فعليه أن يطعن علي الحكم لعدم أخذه بالأدلة والمستندات التى سبق طرحها على محكمة أول درجة بالبرغم من وضوحها وقطعية دلالتها على الحق الذى رفعت به الدعوى والرد على الحجج التى ساقها المستأنف ضده (المدعى عليه أمام محكمةأول درجة )، ويمكن الاستعانة فى هذا الشأن بما عساه أن يكون قد تناوله فى المذكرات المقدمة الى محكمة أول درجة مع التأكيد على النقاط المهمة فيه أو اعادة شرحها وتفصيلها بأسلوب أوضح وأعمق ويمكن تعزيز وجهة النظر بمزيد من المستندات التى تدحض ما ذهب اليهالحكم المستأنف .
وإذا كان المستأنف هو المدعى عليه أمام محكمة أول درجةفانه يتعين أن تشتمل صحيفة استئنافه على الرد على ما ساقه الحكم المستأنف من أسباب تساند إليها فى قضائه ، وكذا الرد على حجج المدعى فى الدعوى ، وأخص بالذكر ما قدم من مستندات، وفى الجملة الرد على أسباب الحكم وحجج المدعى ( المستأنف ضده) سواء أكانت تلك الحجج قد وردت فى صحيفة دعواه أم فى مذكراته .
ب- أما عن المذكرة التي تقدم من المستأنف عليــــــــــه :
فيبدأ المستأنف عليه بعرض موجز لوقائع الدعوى ويمكنه أن يستعين بما أورده الحكم المستأنف فى شأنها وينتقل بعدذلك إلى الدفوع التى يرى إبداؤها ومنها ما هو شكلي مثل الدفع بسقوط الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد أو الدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة أوموضوعيا مثل الدفع ببطلان الاستئناف لتحقق سبب من أسبابه.
وينتقل بعد ذلك إلى الرد على صحيفة الاستئناف بأن يتناول كل سبب من الأسباب بالرد عليه بما يدحضه سواء من حيث واقع الدعوى أو ما يكون تردى فيه من مغالطات قانونية .
فبالنسبة لوقائع الدعوى فأن المستندات هى القول الفصل فيها وعلى ذلك ينبغي شرح المستندات التى تؤدى الى تعزيز وجهة نظر المستأنف عليه وإذا أمكن الاستعانةبمستندات جديدة أو طلب ضم محضر أو قضية فيها ما يعين على توضيح وتعزيز ما دفاعه .
وبالنسبة للمبادئ القانونية فيعاد شرحها مع الإشارة الى ما سبق تناوله أمام محكمة أول درجة والإحالة عليه. وإبراز حكم النقض المنطبق على واقع الدعوى حتى لوكان وقد سبق إيراده فى المذكرات أمام محكمة أول درجة .
والدفاع عن الحكم المستأنف فيما أورده من أسباب تؤدى الى النتيجة التى انتهى إليها .
وفى كلتا الحالتين أى سواء أكانت المذكرة مقدمة من المستأنف أم المستأنف عليه يجب أن تتعرض لوقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل ودون إطناب يدخل الملل على قارئها .
وأخيرا إذا كانت المذكرة ردا على الدعوى أو ردا على مذكرة قدمت فيها فيجب أن يكون الرد غيرعصبي هادئا مدعما بالمنطق والقانون وأحكام النقض دون التدني إلى ألفاظ التى قد يعتبرها الخصم إهانة له . فالاحتكام فى النهاية والغلبة للمنطق السليم وصحيح القانون .
ثالثا : أما عن مذكرة الطعن بالنقض :
- بادئ ذي بدء يجب التنويه علي الإلتزام بالإجراءات الشكلية المنظمة للطعن بالنقض الواردة في قانون المرافعات ووجب علينا أن نشدد علي الملاحظات التالية : -
۱- الطعن على الحكم بطريق النقض لا يترتب عليه وقف تنفيذه” الا أنه يجوز لمحكمة النقض أن تأمر بوقف التنفيذ مؤقتا لحين الفصل فى موضوع الطعن إذا طلب ذلك فى صحيفة الطعن ، وكان يخشى من التنفيذ وقوع ضرر جسيم يتعذرتداركه ( المادة ۲۵۱ مرافعات ) .
۲- يجب أن توقع المذكرة من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض وأن تكون صحيفة الطعن مشتملة علي كافة أسباب الطعن ، وان تقدم فى الميعاد المنصوص عليه إذ لا يجوز إبداء أسباب جديدةبعد انقضاء هذا الميعاد . وللمطعون ضده أن يقدم مذكرة بدفاعه.
أما عن موضوعنا الرئيسي المتعلق بصياغة المذكرة : -
تبدأ المذكرة فى سرد وقائع الدعوى فى إيجاز غير مخل بدءاً من صحيفة الاستئناف وأسبابه والحكم فيه مع عرض ملخص لما قدمه الطرفان من مستندات .
إن الطعن بالنقض يجب أن ينصب على الحكم الصادر فى الاستئناف دون الحكم الأبتدائى إلا فيما أحال به الأ ول على الأخير، فهنا يصبح الحكم الأبتدائى جزءاً من الحكم الأستئنافى فيما إحالة هذا الأخير عليه ويكون بذلك محلاً للطعن فتوجه إليه المطاعن فيما إنزلق إليه من بطلان وخلافه .
وعندما يكون وجه الطعن موجهاً إلي الحكم الأبتدائى فيما أصابه من بطلان نقول ” أنه لما كان الحكم المطعون فيه (الحكم الأستئنافى) قد أيد الحكم الأبتدائى فقد استطال إليه البطلان بما يستوجب نقضه”
وإذا كانت المذكرة من المطعون ضده فانه بعد إيراد الواقعة فى إيجاز نتناول مذكرة الطعن المقدمة من الطاعن وتفنيد كل ما جاء بها مع الدفاع عن الحكم المطعون فيه وبيان موافقته لصحيح القانون والواقع .
هذا وفي الأخير يجب أن تتميز الألفاظ والعبارات المستخدمة بالرصانة والسهولة في التعبير .. مع محاولة تضمين الأسلوب بعض التعبيرات الجمالية حتي لا يمل القارئ ، وأن يتم إستهلال المذكرة ببعض العبارات الشهيرة من القرآن الكريم ، أو الأحاديث النبوية ، أو الشعر ، مع الحرص علي بيان تقدير وإحترام والثقة في المحكمة أو السلطة المقدمة إليها المذكرة ..
والله ولي التوفيق ،،