Ads Here

أنواع حقوق الانسان فى المواثيق الدولية العالمية

أنواع حقوق الانسان فى المواثيق الدولية العالمية

أنواع حقوق الانسان فى المواثيق الدولية العالمية


- الحقوق المدنية والسياسية : -

غالبا ما يطلق على مجموعة الحقوق المدنية والسياسية الجيل الأول من الحقوق، ويمكن القول أن مجموعة الحقوق هذه تشكل تلك الحقوق الفردية التي يجب أن يتمتع بها الفرد بصفته فردا، وقد أولى المجتمع الدولي اهتماما كبيرا لمجموعة الحقوق هذه إن كان في مجال وضع المعايير أو مراقبة تطبيقها.

وتتميز الحقوق المدنية والسياسية بميزتين أساسيتين هما : -

أولا: أنها حقوق للتطبيق الفوري، والمقصود بذلك أنه يجب أن تطبق وتحترم فورا ولا تحتمل أي تأجيل أو تدريج في تطبيقها، بالنظر إلى الخطورة الكبيرة التي ينطوي عليها عدم إعمالها الكامل على الأفراد وكرامتهم. فهي بعكس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي سيأتي على ذكرها لاحقا، لا تحتمل أي تدريج في إعمالها.
وثانيا: أنها حقوق سلبية، أي أنها لا تتطلب من الدولة موارد كبيرة أو تخصيص مبالغ طائلة، أي أنها لا تتطلب تدخل الدولة الفعال والمكلف، ولإعمالها لا يتطلب ذلك من الدولة سوى عدم انتهاكها، فمثلا للوفاء بالحق في عدم تعرض المواطنين للتعذيب، لا يتطلب ذلك سوى امتناع الدولة عن القيام بالتعذيب.
ومن أبرز الحقوق المدنية والسياسية التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي ما يلي:
  1. المساواة وعدم التمييز في التمتع بالحقوق والحريات الأساسية على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي أو الأصل الوطني أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر.
  2. الحق في الحياة والحرية والأمان الشخصي.
  3. حظر الاسترقاق أو الاستعباد والاتجار بالرقيق بجميع الصور.
  4. حظر التعذيب والمعاملة والعقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
  5. الحق بالاعتراف بالشخصية القانونية. .......إلخ.
تلك هي أبرز الحقوق  الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأفراد وقد جرى تفصيل هذه الحقوق وتحديدها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ۱٦ كانون الأول ۱۹٦٦ ودخل حيز النفاذ في العام ۱۹۷٦، وقد استند العهد الدولي إلى الإعلان العالمي في تفصيله للحقوق وتبرز أهميته في أنه وضع آلية لمراقبة تنفيذ الدول الموقعة عليه للأحكام الواردة فيه.
وسنتعرض بالتوضيح لعدد من الحقوق المدنية والسياسية الواردة في الإعلان العالمي المشار إليه.

أولا: الحق في حرية الرأي
يعتبر الحق في حرية الرأي والتعبير حقا أساسيا من حقوق الإنسان، ويشكل إلى مدى كبير مقياسا لديمقراطية أي نظام سياسي. والحق في حرية الرأي ليس هدفا بحد ذاته بل هو وسيلة تستهدف إصلاح المجتمع وأي من مؤسساته وتعبيراته المختلفة والنهوض بها وتطويرها بما يحقق الصالح العام، فالحق في الرأي ليس ترفا بل هو شرط لخلق مجتمع حر. ولا يمكن أن يكون هناك حق في الرأي ما لم يكن هناك تدفق حر للمعلومات وسهولة الحصول عليها وتيسير تداولها. فقبل أن تقول عليك بالتفكير أي عليك الحصول على المعلومات ليتسنى لك تكوين وجهة نظر ورأي هو في نهاية الأمر يهدف للصالح العام والارتقاء بالمجتمع. فالحق في حرية الرأي ينطوي على ثلاثة مستويات هي: البحث عن الحقائق وجمع المعلومات حولها، وإعمال الفكر فيها للوصول إلى نتيجة (رأي) ومن ثم يصار إلى الإفصاح عنها. وهذا يعني أن المجتمع يجب أن يكون متاحا له حرية الوصول إلى المعلومات والتماسها بشتى الضروب ليتسنى البحث فيها وتقييمها والتعبير عنها بصدق وأمانة. إن إشاعة الحق في حرية الرأي والتعبير هي وسيلة هامة للرقي بالمجتمع وتحقيق السلام الداخلي وجلب الطمأنينة لنفوس الأفراد، لأنه لا يمكن لمن يعيش في جو من الكبت وتقييد حرية الرأي أن يشارك حقيقة في بناء مجتمعه وتطويره كما أنه لا يمكن إلا أن يعيش حالة من الخوف وعدم الطمأنينة عن ممارسته لأي انتقاد أو رأي مخالف.

ثانيا: الحق في حرية الحركة والتنقل
يعتبر الحق في حرية الحركة والتنقل داخل حدود الوطن حقا أساسيا يجب أن يتمتع به الأفراد، وهو حق يجب أن تتوفر له الحماية القانونية اللازمة من خلال قانون يحمي ذلك، وعلى الدولة أن تعمل على احترام وتعزيز ذلك الحق دائما وبكل الطرق الممكنة.
إن المواطن له الحق الكامل في التنقل والعمل والإقامة في أي منطقة ضمن حدود دولته، فالمواطنين سواء ولهم الحرية الكاملة في العمل والتنقل والسكن دون قيود. على الرغم من ذلك، فإن حقوق الحق في حرية التنقل قد يتعرض لبعض القيود في حالات استثنائية كحالة الطوارئ حيث تتعرض الدولة لأخطار حقيقية كالكوارث الطبيعية مثلا سواء براكين أو زلازل ...الخ، فلنفترض أن وباء كالكوليرا قد انتشر في منطقة ما واصبح يشكل تهديدا حقيقيا على عموم السكان، عندها يجوز للدولة أن تفرض قيودا على تنقل الأفراد من وإلى تلك المنطقة حفاظا على صحتهم.
إن القيود المفروضة يجب أن تكون في أضيق نطاق وتتناسب مع النتائج المرجو تحقيقها والخطر المحدق، كما وأنها يجب أن تتحدد بفترة زمنية، لا أن يتخذ من الظرف الاستثنائي ذريعة لتقييد أحد الحقوق الأساسية للمواطنين بحيث يصبح تقييدا مزمنا لا يزول بزوال الخطر.
الجانب الآخر من الحق في حرية الحركة هو حق الأفراد في مغادرة البلد الموجودين فيه بما في ذلك بلدهم والعودة إليه متى يشاءون. وهو يعني أن حق الأفراد في التنقل والسفر ومغادرة بلدهم والعودة إليه، ليست منحة أو امتيازا بل هي حق أساسي يجب على القانون أن يكفله ويحميه، وعليه لا يجوز فرض إجراءات تعسفية بمصادرة جوازات سفر الأفراد أو حرمانهم من السفر بوسائل أخرى. كما أن عودة الأفراد الحرة لموطنهم هو حق أساسي لا يمتلك أحد حق مصادرته.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
يطلق على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الجيل الثاني لحقوق الإنسان، وهي حقوق أساسية من حقوق الإنسان وجزء لا يتجزأ منها. وكثير ما ينظر إليها على أنها حقوق جماعية وليست فردية بالمعنى الحرفي والقانوني للكلمة وهي تختلف من حيث طبيعتها وطبيعة الالتزام والمطالبة بها عن الحقوق المدنية والسياسية، فهي:
أولا: حقوق يتم الوفاء بها تدريجيا، أي أنها ليست قابلة للتطبيق الفوري، حيث أن تحقيقها الكامل يستوجب تسخير الموارد المتوفرة سواء كانت محلية أو دولية، وهي تعتمد على اتباع خطوات تدريجية تؤدي في المآل النهائي إلى الوفاء بها.
ثانيا: إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تتطلب تدخلا إيجابيا وفاعلا من قبل الدولة، فإذا كانت الحقوق المدنية والسياسية غالبا لتحقيقها لا تحتاج سوى امتناع الدولة عن القيام بفعل ما، كحظر التعذيب مثلا، الذي لا يحتاج سوى امتناع الدولة عن القيام به للوفاء به مباشرة. بينما الحق في التعليم مثلا، يحتاج إلى جهود حثيثة وتضافر للموارد وتدخلا “مكلفا” من قبل الدولة.
وقد تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التالية:
  1. الحق في الضمان الاجتماعي
  2. الحق في العمل
  3. الحق في شروط عمل عادلة ومرضية
  4. الحق في إنشاء النقابات والانضمام إليها
  5. الحق في الراحة وأوقات الفراغ ولاسيما تحديد معقول لعدد ساعات العمل.......إلخ.

أولا: الحق في التعليم
يعتبر الحق في التعليم من الحقوق الأساسية الهامة كونه حق اقتصادي واجتماعي وثقافي، وعلاوة على ذلك كله، يمكن النظر إليه كحق مدني سياسي بالنظر لما ينطوي عليه من تأثير على إعمال باقي الحقوق.
تشكل العناصر التالية المؤشرات الأساسية التي يمكن من خلالها الوقوف على واقع الحق في التعليم:
*-التوافر
ويعني ضرورة توفر مؤسسات وبرامج تعليمية بأعداد كافية ضمن الولاية القانونية للدولة. ويعتمد ما تحتاج إليه هذه المؤسسات من احتياجات على العديد من العوامل من بينها على سبيل المثال، السياق التنموي الذي تعمل في إطاره تلك المؤسسات حيث تحتاج إلى مبان تقيها من العوامل الطبيعية وإلى مرافق صحية للجنسين وإلى تزويدها بالمياه النقية الصالحة للشرب وبالمواد التدريسية وبالمعلمين المؤهلين وضرورة تقاضيهم لرواتب تنافسية محليا. كما وقد تحتاج إلى مرافق تربوية كالمكتبات والمختبرات والحواسيب وما إلى ذلك.
*-إمكانية الالتحاق
وتعني تيسير الوصول إلى تلك المؤسسات وأن تكون في متناول الجميع دونما تمييز وهي تنطوي على ثلاثة أبعاد متداخلة هي :
  • عدم التمييز: يجب أن يتضمن القانون من جهة والممارسة الفعلية من جهة أخرى، جعل التعليم في متناول الجميع دونما تمييز على أي من الخلفيات.
  • إمكانية الالتحاق المادي: يجب أن يكون التعليم في متناول الجميع من الناحية المادية وذلك إما بالتردد على  التعليم في موقع جغرافي ملائم بشكل معقول كأن يكون مدرسة تقع بالقرب من مكان السكن أو من خلال ما هو متوفر من وسائل التكنولوجيا الحديثة كالتعلم عن بعد.
  • إمكانية الالتحاق من الناحية الاقتصادية: ضمان أن يكون التعليم الابتدائي مجانيا للجميع، واعمل الجاد والتدريجي على الأخذ بمجانية التعليم الثانوي والعالي.

*-  إمكانية القبول
وهو ما يعني أن شكل وجوهر التعليم بما في ذلك المناهج الدراسية وأساليب التدريس يجب أن تكون مقبولة للطلاب من حيث الجودة والخصوصية الثقافية.

* -  قابلية التكييف
أن يكون التعليم مرنا ليتمكن من التكيف مع احتياجات المجتمعات والمجموعات المتغيرة وأن يستجيب لاحتياجات الطلاب في محيطهم الاجتماعي والثقافي المتنوع.

الزامية التعليم الابتدائي ومجانيته
إن المقصود بكون التعليم إلزاميا يعني أساسا تأكيد حقيقة أنه لا الوالدين أو من له وصاية على الأطفال أو حتى الدولة نفسها لهم الصلاحية بالتعامل مع حق الطفل في التعليم الابتدائي كقضية اختيارية بل هي إلزامية وبشكل مطلق دونما تمييز على أساس الجنس. إذن فإلزامية التعليم هي مهمة المجتمع برمته وتعبيراته المختلفة لذا يجب توفير الحماية القانونية لذلك من خلال قانون واضح. كما يجب أن يراقب تطبيقه بشكل دقيق من قبل جهات الاختصاص. ومن نافل القول التأكيد على أن التعليم الإلزامي يجب أن يكون ملائما للطفل من حيث جودته وأن ساهم في إعمال حقوق الطفل الأخرى.
وكما هو واضح، فإن الرسوم أو أي تكاليف مباشرة أخرى قد يجري فرضها تشكل عائقا في وجه التمتع بهذا الحق بل إنها قد تنطوي على تأثيرات عكسية. ويندرج تحت هذا البند أيضا التكاليف غير المباشرة كالضرائب أو البدلات المفروضة على الوالدين (والتي تأخذ مظهر التبرعات الطوعية، والتي في حقيقتها ليست كذلك) أو الإجبار على ارتداء أزياء مدرسية غالية الثمن نسبيا.
إن مجانية التعليم لا تعني فقط النص على عدم دفع رسوم التعليم بل القضاء على كل الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي تنطوي على استحقاقات مكلفة ماديا، مهما كانت متواضعة والتي قد تشكل عائقا في وجه الأطفال للالتحاق بالتعليم الابتدائي.

الحق في التعليم الثانوي
يرتبط مضمون التعليم الثانوي بالسياق الزماني والمكاني، فهو يختلف من بلد لآخر كما ويختلف ذلك المضمون وفقا للمراحل الزمنية المختلفة. إلا أن جوهره ينطوي على إكمال المرحلة الأساسية وتعزيز أسس التعليم مدى الحياة وتنمية الإنسان المستمرة. وهو يوفر الأساس للطلاب للالتحاق بالتعليم التقني أو العالي. أن التعليم الثانوي يتطلب مناهج دراسية مرنة ونظم توفير متنوعة وذلك لتسنى الاستجابة لاحتياجات الطلاب من مختلف الأوساط الاجتماعية والثقافية.
ويجب العمل على تعميم التعليم الثانوي بمختلف أشكاله وجعله متاحا للجميع بكافة الوسائل المناسبة ولاسيما الأخذ تدريجيا بمجانية التعليم. ويعني ذلك أن التعليم الثانوي يجب لا يتوقف على قدرة طالب ما أو طاقته، كما وأن التعليم الثانوي يجب أن يتوزع في جميع أنحاء الدولة ليتسنى وصول الجميع المتساوي إليه دونما تمييز، ويجب اعتماد مناهج دراسية متنوعة ومبتكرة ليستجيب التعليم الثانوي لمختلف البيئات والسياقات الاجتماعية والثقافية. أما ما يتعلق بمجانية التعليم الثانوي، فإنه في الوقت الذي يجب أن تعطى الأولوية فيه لتوفير التعليم الابتدائي مجانا، فإن إجراءات على الأرض يجب اتخاذها من أجل تحقيق مجانية التعليم الثانوي.

الحق في التربية الأساسية
لا يقتصر الحق في التعليم الأساسي على الأشخاص الذين لم يتلقوا تعليمهم الابتدائي أو لم يستكملوه، بل يمتد لشمل كل الأشخاص الذين لم يلبوا بعد حاجات تعلمهم الأساسية، وهو غير مرتبط بالعمر أو الجنس بل يشمل كل الأفراد من مختلف الأعمار ومن الجنسين، ونظرا لكونه غير مرتبط بسن معين فيجب أن تتميز مناهجه بالمرونة وبأنظمة تعليم تستطيع توفير التعليم لجميع الطلاب من جميع الأعمار.

توفير شبكة مدرسية وتحسين الأوضاع المادية للعاملين
يجب وضع استراتيجية تنموية عامة للشبكة المدرسية، على أن تشمل تلك الاستراتيجية جميع المدارس لجميع المستويات التعليمية. ويجب أن تحظى تلك الاستراتيجية بالأولوية من قبل الدولة سواء من حيث وضعها أو تطبيقها الحاسم.
ويجب العمل على تحسين الأوضاع المادية للمعلمين، لما ينطوي عليه ذلك من الإعمال الكامل لحق الطلبة في التعليم. فالمعلمين لهم الحق في شروط عمل تتناسب ودورهم وأجور منصفة تستند للظروف الاقتصادية والاجتماعية في البلد الذي يعيشون فيه ولهم حق كامل غير منقوص في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية بما يخدم الدفاع عن مصالحهم وتعزيز دورهم الأساسي للوفاء بالحق في التعليم.
الاجراءات الانضباطية في المدارس
يعتبر العقاب البدني من أبرز أشكال الإجراءات الانضباطية في المدارس وهو يتعارض مع كرامة الفرد وهو المبدأ الذي أشرنا إليه بداية كونه يشكل الأساس لحقوق الإنسان والذي تضمنته ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن أشكال العقاب الأخرى الإذلال العلني وهو يتناقض مع الكرامة الإنسانية التي يجب أن لا تتعرض للإذلال أو الإهانة. لذا يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم ارتكاب أي إجراءات انضباطية لا تتفق وتلك المفاهيم وتشجيع المدارس على تبني إجراءات إيجابية وغير عنيفة للانضباط المدرسي.
.
الجيل الثالث من الحقوق (الحقوق الجماعية).
إذا كانت الحقوق المدنية والسياسية تمثل الجيل الأول من حقوق الانسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية تمثل الجيل الثاني منها فإن الجيل الثالث من الحقوق هو ما يطلق عليه الحقوق الجماعية كالحق في التنمية والحق في بيئة نظيفة والحق في السلام العالمي. وكنموذج على الحقوق الجماعية، فإن الحق في التنمية يحتل أهمية كبيرة لاسيما وأنه في زمن التغيرات الكونية الكبيرة والعولمة، فإن ما نتج وينتج عن ذلك من تغييرات هيكيلية اقتصادية واجتماعية وثقافية في دول العالم ينطوي على تأثيرات كبيرة على التمتع بحقوق الانسان جميعها. فالتنمية هي نتيجة وسبب في التعاطي مع حقوق الانسان، حيث أنها تشكل البيئة الصحية لاحترام حقوق الانسان بمختلف أشكالها، وهي نتيجة بالنظر إلى أن حالة التنمية تعني في نهاية الأمر احترام حقوق الانسان وحرياته الاساسية وتعزيز مبدأ سيادة القانون وإشركا اكبر للمواطنين في الحياة السياسية والاجتماعية في أي بلد.

الحق في التنمية
شكل ولازال الحق في التنمية مثار جدل كبير بين فقهاء القانون من جهة ودول العالم شمالا وجنوبا من جهة ثانية، حول طبيعة هذا الحق وبالتالي طبيعة الإلزام القانوني الناشئ عنه. وغني عن القول أن النقاش يحتد وتبرز الحاجة الماسة لأخذه على محمل من الجد في عملنا في النصف الآخر من الكرة الأرضية بالنظر إلى حمى العولمة المتسارعة والتي تزيد شعوبنا إفقارا وتخلق ظروفا أكثر نموذجية لانتهاكات حقوق الإنسان برمتها.
إن حماية واحترام حقوق الإنسان الأساسية اقتصادية كانت أم مدنية وسياسية لا يمكن أن يكتب لها النجاح دون توفر بيئة يمكن من خلالها ممارسة ذلك. إن ضمان المشاركة بطريقة ديمقراطية وتساوي الفرص وتحقيق الاحتياجات الأساسية للإنسان تشكل جوهر الحق في التنمية وتوفر تلك الشروط الأساسية لاحترام حقوق الإنسان وتمكين الأفراد من الانخراط في دائرة الفعل السياسي والاجتماعي. فالحق في التنمية هو في حقيقته سبب ونتيجة، فهو من جهة شرط أساسي لاحترام حقوق الإنسان، كما أن احترام حقوق وحريات الإنسان الأساسية هدف أساسي له..
إن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ولاسيما الحق في التنمية، تقتضي عملا أكثر جدية وتأصيلا أكثر عمقا في عمل وتفكير المنظمات العربية.إن الحق في التنمية وباقي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لم تعد أبدا عملا خيريا أو منح تقدم للمواطنين، بل إنها حقوق إنسان أساسية تستوجب النضال الفاعل والمؤثر لضمان الحماية القانونية لها ولاحترامها وتعزيزها في المجتمع.
إن المجتمع يجب أن يوفر الحماية والدعم الخاص للفئات الأكثر حرمانا في المجتمع ليتسنى لهم ممارسة حقوقهم المختلفة وحرياتهم الأساسية دونما تمييز.
إن احترام حقوق الإنسان الأساسية لن يكتب له النجاح ما لم تقوم الحكومات بخلق بيئة صحية وملائمة لممارسة تلك الحقوق وتحديدا دونما الوفاء بالحق في التنمية بما يقتضي إشراكا ذلك فاعلا وديمقراطيا في كل مراحل التنمية.
إن تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين هو الحد الأدنى الذي يجب على الحكومات تلبيته فورا باستغلال أمثل للموارد المحلية وللموارد الخارجية وعلى الحكومات أن تسعى لتجنيد ما أمكن لها من الموارد الداخلية والخارجية للوفاء بالتزاماتها تجاه احترام حقوق الإنسان ولاسيما الحق في التنمية.
كما يجب أن يتم تبني ميزانيات عن طريق إشراك المواطنين في كل مراحل تلك العملية، ويجب أن تخصص من تلك الميزانيات مبالغ منصفة للقطاعات ذات التأثير المباشر والحاسم على تمتع الأفراد بحقوقهم.
بغض النظر عن الموارد المتوفرة في أي بلد من البلدان، فإن الخطوات التي يتم اتخاذها والسياسات التي يتم تبنيها يجب أن تؤدي إلى الإعمال التدريجي لحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية. ولا يقتصر الوفاء بالحق في التنمية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية على الإجراءات الاقتصادية بل يشمل الإجراءات القانونية والادارية والتخطيط وما إلى ذلك.
إضافة إلى ذلك، يجب أن توفر الحماية القانونية للحق في التنمية وتحديدا مشاركة المواطنين بطريقة ديمقراطية والوفاء بالمتطلبات والاحتياجات الأساسية للمواطنين كالصحة والسكن والطعام والتعليم.  كما يجب مد يد العون للمتضررين سواء من الكوارث البيئية أو سوء التخطيط الاقتصادي أو إجحاف أي طرف من منفذي المشاريع الاقتصادية وحرمانهم من أسباب عيشهم ومتطلباتهم الأساسية.

Ads middle content1

Ads middle content2